ما هو العلاج السلوكي؟
 
هو نهج غير طبي يستخدم لمعالجة الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والأطفال المصابين باضطراب قصور الانتباه، ويُعرف باسم العلاج السلوكي أو إدارة السلوك، ويقوم العلاج السلوكي على عدد من النظريات البسيطة والمتوازنة المتعلقة بالأسباب والوسائل التي تدفع الأطفال إلى التصرف على النحو الملائم اجتماعيًا، وأحد هذه الأسباب أن الأطفال عادة ما يظهرون رغبة في إسعاد الوالدين، إذ يتولد لديهم شعور جيد عندما يعبر الوالدان عن فخرهم ورضاهم عن تصرفاتهم حيث تعد العلاقة الإيجابية بين الوالدين والطفل مصدرًا هامًا جدًا للتحفيز،  وتعد النتائج الإيجابية المترتبة على تصرفات الأطفال (على سبيل المثال، المزايا و المكافآت) سببًا آخرًا يدفع الأطفال للتصرف على نحو ملائم، أخيرًا يتصرف الأطفال على النحو الملائم أيضًا لتفادي النتائج والعواقب السلبية التي تترتب على السلوك غير الملائم. 
 
ما هي أهداف العلاج السلوكي؟
 
تتمثل أهداف العلاج السلوكي في زيادة تواتر السلوكيات الإيجابية المقبولة من الأطفال من خلال زيادة اهتمام الطفل بإرضاء والديه ومن خلال الحرص على حصول الطفل على نتائج إيجابية عندما يتصرف على النحو الملائم، بينما  يتم الحد من السلوكيات والتصرفات غير الملائمة عندما ينتج عنها نتائج سلبية باستمرار كلما قام الطفل بها، وهذه وجهة نظر مبسطة ومنطقية توضح ماهية العلاج السلوكي وما الذي يقوم عليه.
     


كيف تصمم خطة العلاج السلوكي؟
 
إن تصميم خطة سلوكية جيدة وتطبيقها على نحو فعال ليس بالأمر السهل حيث يحتاج الوالدان في الغالب إلى مساعدة متخصصة للقيام بهذه المهمة بنجاح، وعلى الرغم من أن تفاصيل الخطة الملائمة سوف تختلف من طفل إلى آخر ومن أسرة إلى أخرى، إلا أنه ثمة عدد من المبادئ العامة التي يجب أخذها في الحسبان دائمًا:   
 
1. كن في غاية الوضوح حول السلوك والتصرف الذي تتوقع من طفلك القيام به من أجل أن يحصل على المكافأة وتأكد من تفهم طفلك لهذا الأمر فهمًا واضحًا.  
 فعلى سبيل المثال؛ قد تكون عبارة "استمع لما أقوله" مبهمة للغاية؛ في حين أن عبارة "قم بالتقاط ألعابك وترتيبها في مكانها عندما أطلب منك ذلك" ستكون أكثر تحديدًا.    
 
 2. تأكد أن تكون التوقعات المطلوبة من طفلك معقولة، ولا تؤسس لإخفاقك وإخفاق طفلك في تحقيق الأهداف المرجوة عن طريق وضع توقعات لا تتلاءم على الإطلاق مع عمر طفلك. 
 ومن الجيد دائمًا أن تفكر مليًا فيما تتوقع من طفلك القيام به، وأن تعيد النظر في مدى منطقية هذه التوقعات، وهل هي مناسبة لعمره أم لا؟ وعلى سبيل المثال؛ فإن معاقبة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات لعدم قدرته على الجلوس بهدوء على مائدة العشاء لمدة ساعة سيؤدي في الغالب إلى حدوث مشاكل لأنه ببساطة ليس بوسع أي طفل يبلغ 5 سنوات من العمر القيام بذلك، ولذلك يجب أن يراعى عمر الطفل عند بناء التوقعات السلوكية وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. 
 
 3. لا تحاول العمل على العديد من الأمور في آن واحد.
يفضل في العادة التركيز أولاً على بضعة أشياء والتي تكون في الغالب هامة جدًا بدلاً من محاولة التعامل مع جميع المشاكل دفعة واحدة. قم باختيار التحديات التي ستخوضها بمنتهى العناية والدقة! 
 
 4. اترك المجال مفتوحًا أمام الطفل للمشاركة في اختيار أنواع المكافئات التي بإمكانه الحصول عليها.
 عادة ما يهتم الأطفال بصورة أكبر بالمشاركة في مثل هذا النوع من البرامج عندما تكون لديهم بعض المساهمات في التصميم، حاول أن تولد شعورًا بأنك تقوم بفعل شيء مع طفلك بدلاً من أن يكون شيئًا تقوم به من أجل طفلك.  
 
 5. صمم البرنامج بحيث تتوفر لدى طفلك فرص جيدة لتجربة الشعور بالنجاح في البداية.
من المهم أن يجرب الطفل بعض النجاح المبدئي من أجل تعزيز حوافزه والمحافظة عليها، وكلما ظهر تحسن بالسلوك، يمكنك رفع سقف المعايير المطلوبة تدريجيًا من أجل الحصول على المكافأة.   
 
  6. احرص على أن تنوع بين  المكافئات الاجتماعية والمعنوية (كالمديح على سبيل المثال) بالإضافة إلى المكافئات المادية الأخرى التي يمكن الحصول عليها.   تعد هذه طريقة رائعة لزيادة رغبة طفلك في إسعادك وإرضائك ولزيادة كمية المشاعر الإيجابية بينك وبين طفلك. 
 
 7. كن متسقًا
لكي يؤتي هذا النهج ثماره ينبغي أن يتم تطبيقه بشكل متسق ومستمر؛ لأن قيامك بتطبيق هذا البرنامج في يوم وإغفال تطبيقه في اليوم التالي أو الإخفاق في توفير المكافئات عند استحقاقها أن يجعل من نجاح البرنامج مهمة مستحيلة.  
 

نهج العلاج السلوكي للأطفال المصابين  باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه:
 
إن القيام بتخصيص أوقات لقضائها مع طفلك، والتحفيز الإيجابي، ووضع عقوبات أو عواقب سلبية من أجل تشجيع السلوك الجيد، هو بكل تأكيد أسلوب مجد مع جميع الأطفال، وعلى الرغم أن المبادئ الأساسية للتعامل هي ذاتها بالنسبة للأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والأطفال المصابين باضطراب قصور الانتباه فقط أو أولئك ممن لا يعانون منه؛ إلا أن هناك عدة عوامل محددة خاصة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تتطلب إجراء تعديلات محددة على أسلوب التعامل مع الطفل. وفيما يلي مجموعة من أهم هذه التعديلات: 
 
1. عادة ما يتطلب الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه المزيد من التعليقات المتكررة حول أدائهم لمساعدتهم على الوفاء بتوقعات الوالدين أو المدرسين.  
 
لقد أظهرت البحوث باستمرار أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه يؤدون بشكل أفضل عندما يتم التعليق على أدائهم باستمرار، و لذلك إذا كان السلوك الذي تستهدفه هو "اتباع التوجيهات"، فمن الأفضل أن توجه لطفلك التعليقات على مدى إجادتهم لاتباع التعليمات كل ساعة، بدلاً من ذكر ذلك الأمر مرة واحدة في نهاية اليوم. حيث يمكن قياس مردود التعليقات على الطفل من خلال هذه الفترات الزمنية الفعلية؛ والنقطة الأساسية هنا أن الطفل الذي يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه يحتاج إلى تعليقات مستمرة حول أدائه من أجل تحقيق  البرامج السلوكية الفعالية المرجوة منها.  
 
2. يؤدي الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أداءً أفضل عند وضع أهداف قصيرة الأجل بالمقارنة مع الأهداف طويلة الأجل.  
 
تتبع هذه النقطة للنقطة السابقة، فبالإضافة إلى التعليقات والملاحظات المستمرة، يتطلب الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه  إلى فترات زمنية أقصر بين الفرص لكسب المكافئات، وعلى سبيل المثال؛ فإن وعد الطفل بالحصول على مكافأة في عطلة الأسبوع على سلوكه الجيد طيلة الأسبوع قد يكون بمثابة مدة بعيدة جدًا بنظر طفل يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حيث لا تحفزه بصورة فعالة على أداء الوظيفة المرجوة، وعلى العكس من ذلك فإن حصول الطفل على المكافئات بصورة يومية أو حتى منحه أكثر من فرصة يوميًا للحصول على مزايا هو أمر أكثر أهمية وكثيرًا ما يكون ضروريًا كما أن منح الطفل النقاط أو أشياء رمزية "كقطع النقود" التي تمكنه من الحصول على المزيد من المكافئات الملموسة (على سبيل المثال مزيد من الوقت لمشاهدة التلفاز، للعب، استئجار فيلم لمشاهدته) لمكافئته على السلوك الجيد من الممكن أن تكون ذات فائدة؛ حيث يمكن دائماً أن يتم صرفها بسهولة، كما أنها ذات قيمة كبيرة لدى الطفل لأنها ترتبط بالنشاطات والأشياء المرغوبة لديه.  
 
3. يحتاج الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه إلى مزيد من التذكير بالأمور المتوقع منهم القيام بها وما الذي سيحصلون عليه عند الوفاء بهذه التوقعات.
 
 ولكي يكون هذا النهج فعالاً، يجب أن يحتل مكانة بارزة في عقل الطفل؛ إذ أن الأطفال الذين ينسون ما هي أهدافهم السلوكية وما الذي يحاولون الحصول عليه عند تحقيق تلك الأهداف غالبًا ما يرجح فشلهم في تحقيق أهدافهم، ولذلك يعد التذكير المستمر بالأهداف والمكافئات أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة للطفل الذي يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه. وبالإمكان القيام بهذا في صورة تعليقات وملاحظات توجه للطفل حول مستوى الأداء الذي يقوم به.   
 
 4. عادةً ما يحتاج الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب قصور الانتباه إلى إجراء تغييرات مستمرة في البرنامج ليحافظ الطفل على اهتمامه به.  
 
قد يعي الأشخاص الذين قاموا بالفعل بتجربة عدة خطط سلوكية مختلفة هذا الأمر جيدًا، فمن الشائع والمعتاد أن ينطلق الطفل في بداية رائعة، ومن ثم يفقد الاهتمام في الحصول على المكافئات، وأفضل طريقة للتغلب على هذه المشكلة هي محاولة تغيير البرنامج ليبقى لدى الطفل الشعور بأن ما يقوم به هو أمر "جديد"، ويمكن القيام بذلك من خلال تغيير المكافئات، وعلى سبيل المثال؛ تكون الجائزة في أحد الأيام المزيد من الوقت لمشاهدة التلفاز، بينما تكون في اليوم التالي البقاء مستيقظًا لمدة نصف ساعة إضافية، وإذا كنت تستخدم المكافئات الرمزية مثل القطع النقدية، فمن الممكن أن يكون تغييرها باستمرار عاملاً مساعدًا كذلك، وعلى سبيل المثال؛ من الممكن أن يتم استخدام الدراهم في الأسبوع الأول، وفي الأسبوع التالي الكرات الزجاجية (البلي)، وفي الأسبوع الذي يليه الملصقات، ومن الواضح أن كل هذه الأمور تعتمد على عمر الطفل وعلى اهتماماته كما أنه من المؤكد أن هذا الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والعمل المضني والإبداع من جانب الوالدين.
 
    المراجع:
 
 
 
​​​​​​​